فما هو علم الرسم؟
هو علم كتابة كلمات القرآن كما كتبها الصحابة في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه؛ ولذلك يسمى الرسم العثماني وهو قانون كتابة القرآن الكريم؛ وهي كتابة خاصة تخالف في مواطن الكتابة العادية التي يسميها العلماء قياسية؛ وقد حافظ المسلمون على رسم الكلمات في المصاحف على نحو ما رسمت في المصاحف العثمانية، وشكل ذلك الرسم ظاهرة اعتنى بها علماء القرآن وكُتّاب المصاحف وعلماء اللغة واختص بدراستها علم رسم المصحف
ولم يحظ الرسم العثماني بتلك العناية والاهتمام؛ لأنه أثر تاريخي يرجع إلى عصر النبوة والخلافة الراشدة فحسب؛ ولكن أيضا لأنه صار “هو الركن الأعظم في إثبات القرآنية للقرآن”؛ كما قال الشوكاني في (إرشاد الفحول)
لقد نص العلماء على أن رسم القرآن يمثل نظاما إملائيا مستقلا، ونمطا هجائيا خاصا
وقالوا: “من المعلوم أن خطين لا يقاسان: خط العروض، وخط المصحف، وإنما يتبع الرسم تعبدا وتبركا واقتداء بالصحابة الكرام كتابة أو قراءة”
وقد نص جمهور الفقهاء على أن هذا الرسم توقيفي:
سئل الإمام مالك: “أرأيت من استكتب مصحفا اليوم، أترى أن يكتب على ما أحدث الناس من الهجاء؟ فقال: لا أرى ذلك، ولكن يكتب على الكتبة الأولى”. قال أبو عمرو الداني: “ولا مخالف له في ذلك من علماء الأمة”
ونص الإمام الجعبري على أن ما ذهب إليه مالك هو مذهب الأئمة الأربعة
وجاء في الفقه الحنفي: أنه ينبغي ألا يكتب بغير الرسم العثماني
وجاء في الفقه الشافعي: إن رسم المصحف سنة متبعة
وقال البيهقي في شعب الإيمان: “من يكتب مصحفا فينبغي أن يحافظ على الهجاء الذي كتبوا به تلك المصاحف ولا يخالفهم فيه، ولا يغيروا مما كتبوا شيئا؛ فإنهم كانوا أكثر علما وأصدق قلبا ولسانا، وأعظم أمانة منا”
الحكمة والتعليل في الرسم العثماني:
وإذا كان رسم المصحف الشريف توقيفيا؛ فلا بد أن لهذا الرسم حكما وأسرارا وهو ما جزم به ابن البناء المراكشي؛ مؤكدا أنه توقيفي؛ وأنه ليس للصحابة فيه ولو شعرة واحدة. من هنا قال أحد المتخصصين في الرسم: “كما أن القرآن معجز في فصاحته؛ فخطه معجز أيضا”
وإلى هذا المعنى أشار الشيخ محمد العاقب الشنقيطي دفين فاس رحمه الله تعالى بقوله :
والخط فيه معجز للناس …….. وحائد عن مقتضى القياس
لا تهتدي لسره الفحول …….. ولا تحوم حوله العقول
قد خصه الله بتلك المنزله …….. دون جميع الكتب المنزله
ليظهر الإعجاز في المرسوم …….. منه كما في لفظه المنظوم
من هنا؛ يعمل برنامج مجالس النور على الإسهام في إحياء هذا العلم؛ وتعريف المسلمين به وبأسراره العجيبة